و ماذا بعد؟!!

سر البقاء في ذاكرة التاريخ هو الحضارة.

منذ أن كنا صغاراً و حتى الآن و على كافة المستويات نتباهى بعظمتنا و حضارتنا الفرعونية التي تمتد لما يزيد على السبعة آلاف عام.

حضارة ليست لها مثيل في إنجازاتها و أسرارها التي ظلت و لازالت و ستبقى مستمرة في إبهار العدو قبل الصديق يوما بعد يوم مع كل اكتشاف جديد.

و لكن أحيانا تراودني إن لم يكن غالبا بعض الأفكار و التساؤلات، قد يتفق معي فيها البعض و قد لا يتفق، و كل تلك التساؤلات تحمل معنى واحد.. و ماذا بعد؟!!!

أين نحن من تلك الحضارة و العظمة التي امتدت لقرون و قرون و لازلنا نحيا على ذكراها حتى الآن؟!!

في كل محفل و مناسبة نتشدق بكل ما لذ و طاب عنها تلك الحضارة العظيمة التي انقضت فترتها فعليا و مات صانعوها، ماتوا و لكنهم حفروا أسمائهم و حضارتهم في ذاكرة التاريخ بحروف و إنجازات لا يمكن محوها أبدا، فأين نحن من هؤلاء؟ ماذا صنعنا في حاضرنا و في ظل التقدم التكنولوجي و الانفتاح و الذكاء الصناعي و ما إلى ذلك من تلك الأشياء التي لم يوجد أقل القليل منها في زمنهم؟ ماذا صنعنا فعليا لنحفر نحن أيضا أسمائنا و حضارتنا الحديثة بحروف و إنجازات لا يمحوها الزمن من ذاكرة التاريخ؟ و لا أتكلم هنا عن الإنجازات الفردية العديدة التي حققناها على مدار السنوات المنقضية و التي كانت ظواهر نفتخر بها و بنجاحها أيضا مثل العالم الفذ الدكتور أحمد زويل، و الدكتور مصطفى مشرفة، و الدكتور مجدي يعقوب، و الدكتور فاروق الباز، و الدكتور محمد حجي و غيرهم كثيرون و في مجالات عديدة، و لكنني أتحدث عن حقبة حضارية كاملة، حقبة تـُذكر كاملة بإنجازاتها الجماعية و الغير مسبوقة، حقبة يطلق عليها اسم محدد و حِكر عليها دون غيرها من الأمم و الحضارات يطلق عليها الحضارة المصرية الـ.......!!

للأسف لا أدري ماذا أسميها، فهي لم تظهر بعد حتى أحدد لها اسما أو وصفا.

قد يراني البعض متشائما..

قد يراني البعض ثائراً..

و قد يراني البعض حائراً..

أما أنا، فلم أرى بعد ما يكفي أن يمكنني من القول بأن تلك الحقبة قد توجد بالفعل وتصير يوماً ما أمرا واقعا حققناه و أنجزناه و نقول متباهين بها و بإنجازاتها التي وصلت لحد ليس مسبوق... و ماذا بعد؟

مصطفى صابر