السوبر هيرو Super Hero !!! "بقلم:مصطفى صابر"

 

في كل موسم من مواسم الشتاء القارص أو الصيف القائظ نرى السينما الغربية تطل علينا بفيلم أو اثنين أو ثلاثة ليحكي حكاية لا تنتهي أبدا و مستمرة و محفوظة منذ العصر الطباشيري - طبعا لم يكن هناك سينما وقتها و لكن كل شيء جائز - عن بطل أسطوري أمريكي ( سوبر مان=الرجل الخارق، سبايدر مان=الرجل العنكبوت، بات مان=الرجل الخفاش، باج مان=الرجل الحشرة، و آخرون مان!!).

هذا البطل يحيا حياتين؛ الأولى كونه رجل ضعيف و مطحون و ليس له أي قيمة أو احترام وسط المجتمع أو ثري جدا و مستهتر و هلَّاس.. و الثانية هي عندما تكون هناك كارثة لا حل لها على الإطلاق لا بالتكنولوجيا و لا بالتقدم و لا بالحضارة - ولا بالطبل البلدي حتى - فيلحظها هذا البطل المتنكر و هو في أي مكان حتى و لو كان في نصف الكرة الأرضية الآخر و ينطلق بسرعة طبعا تتجاوز سرعة الصوت و الضوء - و أي حاجة نكتشفها أسرع من كده، و مفيش رادار هيلقطه طبعا - و ينعطف في شارع جانبي و غالبا ما يكون مظلما و أحيانا ممطرا حتى لو كان الوقت صيفا و يبدل ملابسه و يرتدي ملابس "السوبر هيرو" و يتذكر والده عندما مات و عمه عندما قُتِل و أخيه عندما انفجر و حبيبته السابقة عندما..... و كأن الوقت يسير للخلف و لديه كل وقت العالم ليتذكر أهله و عشيرته و أصدقائه و طفولته البائسة و شبابه الضائع و كل شيء حتى لو لم يكن له علاقه بأي شيء و لكنه مجرد شيء!! ثم ينطلق - بالسرعة اياها - ليحل هذه الكارثة المحققة في لا زمن بطريقة مذهلة و دقة متناهية و ينقذ آلاف الأرواح البريئة بيد و يحارب القوى الشريرة بيد و يحتضن حبيبته بيد و يأكل بيد - و يمكن كمان يكون بيشرب فنطاس نسكافيه بالإيد الفاضية اللي عنده - و كأنه اخطبوط ذو عشرة أذرع - طبعا مفيش اخطبوط عنده عشرة، هم ثمانية فقط.. و لكن دا سوبر يا جدعااااااان - و يقف طائرا في الهواء و كأنه العصفور الطنان - و هو نوع من العصافير له القدرة على الثبات في مكانه في الهواء - و لا يلحظ أبدا أي أحد الشبه في الصوت أو الشكل إذا لم يكن يرتدي قناعا بينه و هو سوبر و بينه و هو متنكر.. حتى حبيبته التي هي أساسا زميلته في العمل أو جارته في السكن لا تلحظ ذلك على الإطلاق - يا سبحان الله - نراه محلقا مشرقا مبهجا رائعا وسيما طويلا عريضا - و كل حاجة حلوة ما شاء الله - و يكون بجواره علم أمريكا ليبعث بالرسالة و يعلن للناس و العالم أن أمريكا هي بلد "السوبر هيرو" الذي لا يُقهر و لا يستطيع أي أحد أرضي أو مريخي أو قمري أو من مجرة أخرى حتى المساس بكوكب الأرض و هو موجود عليه، لماذا إذن لا يذهب هذا السوبر الى العراق مثلا أو أفغانستان أو فلسطين أو السودان أو الصومال - هو غالبا بيطلع مالوش انتماء سياسي محدد، و لكن انتمائه للبشرية كللها! و عنده مبادئ و أخلاق و.. و .. - لم لا يذهب إلى أي بلد من تلك البلاد التي تعج بالمجاعات أو تُباد بالحروب الداخلية و الخارجية و ينهي تلك المآسي التي تقضي على أضعاف أضعاف من ينقذهم عندما تهاجمهم بعوضة ما!!

و عند تلك اللقطة التي يحلق فيها تجد السنيما كلها تصفق بحرارة و تصفر و هم يرونه يقبل حبيبته في الهواء - يا واد يا جامد.. طب هيركز في الطيران وللا في حبيبته..لا لا لا دا سوبر برضه - و ترتفع الموسيقى الموحية بالرومانسية و الانتصار - و كل حاجة حلوة - و ينتهي عرض الفيلم دون أن أرى معظم أحداثه لانغماسي في تلك الأفكار الأفعوانية البهلوانية الغريبة الأطوار عن "السوبر هيرو" الأمريكي.. و اخرج من السنيما ليراودني سؤال جميل جدا....

" هو لو كان سوبر هيرو مصري كان هيبقى شكله إيه و هيعمل إيه؟!! "

مصطفى صابر