حلم واحد "بقلم: تامر عودة"

 

كان من الصعب عليهما بعد أن ظلا لمده ثمان سنوات يتبادلان احساس أقل ما يوصف به هو كلمة الحب أن تكون كلمة النهاية لأحدهما علي يد مأذون والأخرى تجلس أمام بابا الكنيسة .فلم يكن ذنب محمد أن يولد ويتربى وسط أسرة اختارت له شريكة حياته وهو عمره لم يتعدى بضعة أسابيع والأخرى ليس من حقها اختيار شريك حياتها حتي بعد أن تعدي عمرها الخامسة والعشرين . لكن هذا هو الواقع .......

محمد ومريم .

إتنان يجلسان الأن علي حطام ماض مرير في مكان شهد بداية حب طاهر قلما وجد في مجتمع وضع حواجز بين المسجد والكنيسة ونسي أن كليهما مكان للعبادة.

تخيلا أنهما قادرين علي تحدي المجتمع بكل قيمه وعاداته ومعتقداته، فلم يكن مصيرهما الأن سوي الجلوس الصامت والدموع التي تخجل أن تخرج من العيون وانتظار بصيص امل علي يد عابر سبيل يكشف لهم طريقهما وينطق بالكلمه التي عجز لسان كلا منهما ان ينطق بها، كيف يجرؤ أيهما أن يعبر عما بداخله للأخر وهو الأن ليس من حقه حتي أن يلقي عليه السلام، لم يضعا في اعتبارهما أنهما مختلفان في كل شيء بينهما حتي السلام ، فكل منهما له سلامه الخاص به . وبعد أن مل كلاهما الصمت وقررا أن ينطقا بالكلمة التي هربا منها كثيرا وادار كل منهما وجهه للأخر كي ينطق كلمة الوداع سمعا صوت القدر الذي يستند علي عصاه القديمه . هل كان هذا حقا بشر؟ أم ليس اكثر من وهم رسم لنفسه صورة واحدة داخل عقل أثنين اعتقدا أنهما شخص واحد؟ .

سواء كان هذا أو ذاك فلم يكن لديهما بديل سوي ان ينصتا كلامه .

وهل هناك بديل لأثنين اعتادا الصمت ونسي كل منهما أن لديه عقل يفكر وقلب ينبض ولسان ينطق من أن يظل كل منهما صامت أمام من اعتقدا أنه هو الوحيد القادر علي حل مشكلتهما؟

ولكن لحسن حظهما أنه كان رحيم بهما وقصر عليهما مسافات لم يكن لديهما القدره علي قطعها حتي ولو ظلا صامتين أبد الدهر .

القدر هذه المرة يفكر وينطق ويتكلم هو الوحيد الذي لديه الحل . لأنه لا يؤمن بأي عادات ، أنه محايد في كل شيء حتي في حكمه علي المجتمع لكنه لم يترك لهما الفرصة كي يحكي كل منهما المشكلة لم يحاول معرفة ما سبب هذا التجمع وهل هذين أثنين يربطهما عقد زواج ام أثنين هربا من الناس واختارا لهما مكان بعيد يجمعهما سويا بعيدا عن أعين البشر .

لقد كانت كلماته واضحة ومباشرة مع انها كانت قاسية ، لقد عجزا عن وضع النهاية ووضعها لهما القدر في هدوء تام فقد قال وبكل هدوء "الهروب ضعف ، والضعف وهم ، والوهم حب ، والحب كلمة ، والكلمة عقد ، والعقد لا يتم إلا بشهود" .

صرخت مريم فيه من أنت ؟ وما معني كلامك هذا ؟

فأجاب محمد هذا ما كنا غير قادرين علي النطق به. وفجأة تبخر صاحب الصوت ولم يجدا له اثر أمامهما

أيقنا وقتها أن هذا ليس بشر إنما هو الطفل الصغير الذي ولد بداخلهما وحان الآن موعد وفاته .أيقنا أنهما حلما نفس الحلم في نفس الوقت وعلما أن حلمهما الأوحد لم يكن إلا كلمة النهاية لعلاقتهما معا. كم كانت نهاية قاسية لكن أجمل ما فيها إنها حتى نهايتها لم تكن سوى حلم واحد عاشا فيه ....... وافترقا عليه ، وفي نفس واحد نطق كلا منهما كلمه الوداع.

بقلم : تامر عودة